حليف القرآن واليمنيين أيضا .. حمود عبدالله الأهنومي

حليف القرآن واليمنيين أيضا .. حمود عبدالله الأهنومي

حليف القرآن واليمنيين أيضا

في خضم استبسال اليمنيين ضد العدوان السعودي الأمريكي على اليمن تنشر ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام شذاها عَرْفا يضوِّع عبير كل مكان يوجد فيه مجاهد صنديد بطل، يذود عن الحمى، ويرد كيد المعتدين، ذلك أن روح زيد ترفرف في عطاء هذا المجاهد وثباته الثابت ووقوفه الشامخ أمام الغزاة المعتدين المستبدين المستكبرين.

لا يزال العدو هو العدو في طبائعه الفاسدة وأهدافه الهدّامة ومظاهره التضليلية، ومن الأهمية بمكان أن نحيي ذكرى الاستشهاد في واقعنا الثوري المتألق، وفي الوصول إلى رؤية فكرية ناضجة، وفي التصدي القوي للاستكبار الذي عكس هذا العالم ووحشيته وعدوانه وجبروته ضد اليمنيين اليوم كما أظهر ذلك النظام الأموي المتسلط في ذلك الزمان.

حين نستذكر الإمام زيد عليه السلام ونحن نخوض معركته ضد الظلم والاستكبار انحيازا إلى المستضعفين، وجهادا للظالمين، وتقويضا للاستكبار العالمي، وتنكيلا بأهم أدواته المحلية والإقليمية، وتصحيحا لأوضاعنا الفاسدة، وتقويما لطبائعنا الراكدة، وانطلاقا في الغايات الربانية الرائدة، التي يطلبها الله من عباده المخلصين المجاهدين فإننا نكون مطمئنين إلى التحاق ركبنا المجاهد بركب الإمام زيد، وانضمام مسيرتنا بمسيرته، وانضواء لوائنا تحت لوائه الميمون.

استشهد الإمام زيد بعد عطاء لا حدود له، واستبسال قل نظيره، وثورة عارمة ضد أوضاع مختلفة، وظن الطغاة أن مقتله هو نقطة النهاية في تاريخ الفضيلة، لكنهم هم في حقيقة الأمر الذين ذهبوا إلى مخازي التاريخ، بينما بقي الإمام زيد حيا في التاريخ، تبعث أفكاره الحياة العقلية والعلمية في كل مكان، وتزلزل مبادئه الثورية عروش الظالمين في كل زمان، وهذه هي الحياة في الحقيقة، لا تلك الحياة التي عليها المستكبرون، والتي يغيب أثرها فور غياب صاحبها عن المشهد، يجب أن نتساءل اليوم أين هو الإمام زيد؟ وأين هم أتباعه؟ وماذا قدّم للأمة ولدينه ولمجتمع الإسلام؟ وأين هو هشام؟ وأين هم أتباعه الذين يفخرون بأنهم منه؟ وماذا قدّم للأمة من ورائه؟

صحيح أن طغاة اليوم يسلكون ذات الطريق التي سلكها طغاة الأمس، ولكنهم لا يجرؤون على الانتساب إليهم والانتماء فيهم؛ ذلك أن الانتساب إليهم عار وخزي وبوار، وهم يريدون الاستمرار في مسلك التضليل للأمة بحسن سيرتهم وجميل مقاصدهم.

وفي ثورتنا اليوم نرى علماء السلاطين والاستبداد والاستكبار وهم يتحلّقون على موائد العهر ويتنعمون في مضافات الخزي وقد أعطوا الدنية في دينهم وتزلّفوا بفتاوى القتل والتدمير والإرهاب لأسيادهم من الطغاة والمستكبرين، كما فعل أولئك العلماء الذين كانوا يتمسحون ببلاط الأمويين يطلبون ما في أيديهم من الأموال المدنسة فعموا عن تنكيل الطغاة بالعامة من الناس، وداهنوا في تدميرهم للحياة التي يريدها الله لعباده المؤمنين.

ولكأن التاريخ يطبع نسخته المتكررة؛ فهاهم المرتزقة يجلبهم الطغيان والاستكبار من كل حدب وصوب ليقتلوا الإمام زيد في كل يمني طفل أو امرأة أو شيخ أو شاب أو إنسان أو حيوان، كما قتله مرتزقة (القيقانية) بالأمس وهم المجلوبون من بلاد السند البعيدة.

غير أننا في ذات الوقت نرى العلماء العاملين المهتدين بنور الله يكررون (ثورة العلماء) لينصروا اليمن الإنسان والدين والحضارة، باعتباره مشروع الإمام زيد وهدفه السامي، كما نصروه بالأمس، وانضووا تحت لوائه، عماء ومفكرين وقادة رأي، ونرى الأبطال المخلصين الذين لا يتزحزحون عن ميادين الفضيلة، وبقاع الطهر والشرف، ومواقع العزة والجود، كالجبال الرواسي، يعمرون في كل مكان قصر الفخار المشيد، ويرفعون على رأس كل جبل علَم الجهاد المؤيد، كما كانوا عليه بالأمس يثبتون لا يقيلون الموت ولا يستقيلون منه.

ألا نعترف أن من حسن حظ اليمنيين أنهم تعرّفوا على الإمام زيد من وقت مبكر، فسرى إباؤه الأخاذ في دمائهم، وتحرك فكره في أهدافهم، وفكّر هديه بعقولهم، وأطلق لهم عنان الفضيلة في كل واد وجبل، وأعلن فيهم النفير أمام كل معتد غشوم.

ليس الإمام زيد حليفا للقرآن فقط، بل يمكن القول اليوم: إن اليمن هي الإمام زيد، وإن زيدا يتجدّد في اليمن ثورة وسموا.

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024