موقع “اجورا فوكس” الفرنسي: هادي أداة سهلة الانقياد تحركها السعودية ، والتحالف دمر اليمن

موقع “اجورا فوكس” الفرنسي: هادي أداة سهلة الانقياد تحركها السعودية ، والتحالف دمر اليمن

ترجمة: شامية الحيدري-* المراسل نت

 

برونو جيج |موقع “اجورا فوكس” الفرنسي:

 

يبدو أنه ما من أحد يسمع أنين هذا البلد الشهيد الذي لا يكترث له احد. فلا “ذوي الخوذات البيضاء” الذين يتم تمويلهم من قبل مؤسسات الانجلو ساكسون – شعوب الحضارة الانجليزية – ولا البرلمانيين الفرنسيين المنهمكين في ” رفع الوعي”، ولا جماعة اليساريين الغاضبة التي تدعو لـ “التضامن الثوري”، ولا أولئك المدافعين عن حقوق الإنسان الذين عملوا على توقيع العرائض ببسالة عارمة، كل هؤلاء لم يتخذوا أي موقف ولم يقدموا أي ادانة إزاء الإبادات الجماعية والمجازر والهمجية التي تمارس بحق هذا الشعب والتي لطالما لاحت جلياً في آفاق العديد من أعمدة وعناوين الصحافة الرئيسية.

وفي إجابة ضمنية لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على أحد الأسئلة التي وجهت له بخصوص رأيه في العمليات العسكرية التي تنفذها المملكة العربية السعودية في اليمن والتي ألحقت الدمار بالبلد وأرهبت سكانه، أوضح أن “الازدهار الذي شهدته صناعة الأسلحة لدينا هو الذي أودى بحياة آلاف الأطفال اليمنيين”، وفي مقابلة تلفزيونية أجرتها قناة بي اف ام التلفزيونية في 25 أكتوبر من العام 2015  أضاف مانويل فالس ” هل من غير اللائق أن نسعى وراء مصالحنا؟”، نعم “من غير اللائق، أقولها لكم”. ان أعلى هيئة تنفيذية في الحكومة تعمل على توزيع الأسلحة والميداليات بسخاء على سفاحي الخليج العربي، لذلك فرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس يدرك ما يقوله.

منذ أواخر مارس 2015، ترأست المملكة العربية السعودية تحالفاً عربياً وبدأت بشن وابل من النيران على اليمن ضد المدنيين العزل بحجة مقاتلتها ضد جماعة الحوثي المتمردة والمتهمة بالاصطفاف إلى جانب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تسلم السلطة عقبه والذي يعد أداة سهلة الانقياد تحركها السعودية كيفما تشاء. وبحسب منظمة الأمم المتحدة فأن هذا التدخل العسكري قد أودى بحياة أكثر من 10.000 شخص وتسبب في خلق كارثة إنسانية يصارع معاناتها 400.000 طفل يمني جراء سوء التغذية في بلد يعاني دمار القصف السعودي ناهيك عن الحصار الشامل الذي فُرض عليه من قبل ممالك النفط والذي حال دون وصول أي موارد  غذائية.

لم يستثني الطيران السعودي المدارس، المستشفيات ولا حتى الاحتفالات الدينية من أهدافه العشوائية وفي كل مرة  كان يتمكن من الإفلات من أي عقوبات دولية، إذ تسعى المملكة العربية السعودية- من خلال غارتها المكثفة على اليمن- إلى خلق حالة من الذعر ولوي ذراع الجماعات المقاومة لها والتي بإمكانها إلحاق هزيمة ساحقة بقوات التحالف العربي في حال تحلت بالشجاعة  لمواجهتها براً على أرض المعركة، ففي الواقع أن الوهابيين لا يخوضوا هذه الحرب ضد المقاتلين ولكن الرياض تتبع طرقاً ممنهجة بإضعافها معنويات الشعب وتدميرها التام للبنية التحتية لهذا البلد وتسويتها بالأرض.

وفيما يتعلق بحركة “أنصار الله” الحوثية فقد قامت بمحاصرة العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014 وإرغام الرئيس عبد ربه منصور هادي على الاستقالة في يناير 2015 الأمر الذي جعل المملكة العربية السعودية ورعاتها الغربيين على حين غرة-عندما فوجئت بهذا النجاح الغير متوقع بعد الفشل الذي لحق بثورة 2011-  تقرر حينها التدخل عسكريا في الصراع اليمني خاصة بعد حصولها على موافقة وتصويت مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 4 أبريل 2015 فيما يتعلق بالقرار 2216 الذي يدين استيلاء الحوثيين على السلطة ويؤكد شرعية الرئيس هادي. وقد برر الكتاب المؤيدين لهذه الممارسات الدموية بأنها مستندة لأحكام القانون الدولي.

هذا القرار الأممي قدم للرياض فرصة على طبق من فضة، إذ يعد بمثابة غطاء قانوني يخولها من قصف اليمن بشكل غير رسمي من أجل هزيمة التمرد، ومما لاشك فيه أن هذا القرار يعد تحريفاً للقانون الدولي فهو يقدم لأغنى الدول العربية شهادةً بيضاء تتيح لها سحق وتدمير الدول العربية الفقيرة الأخرى. كل هذا يحدث وكأن المعتدي يحظى برخصة تخوله من القتل والسفك إلى أبعد مدى مع مباركات القوى الغربية التي لا تتواني عن إمداده بكميات هائلة من الأسلحة في حين أن المتمردين الحوثيين يتعرضوا للحصار الذي يحول دون إمدادهم بأي عتاد عسكري.

وما يدعو للتساؤل هو “أي جريمة ارتكبها الشعب اليمن ليتجرع ويلات مثل هذه المحن”، هل قام بأي أعمال إرهابية؟ قطعاً لا، بل إنه الضحية الأولى للهجمات التي ينفذها كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وتنظيم القاعدة، ولعل أبرزها تفجيرات 20 مارس 2015 والتي جعلت من المساجد الشيعية في صنعاء هدفاً نصب أعينها، إذ أودت هذه الهجمات بحياة 142 شخص.

من ناحية أخرى، استفادت هذه التنظيمات الإرهابية من التقاعس الغريب لقوات التحالف العربي في بعض المناطق لاسيما محافظة المكلا لتوطد جذورها، كما أن هذا التحالف، الذي تعود أهدافه للكراهية الأزلية ضد جماعة الشيعة، لم يحرص على تأمين القوى الموالية للشرعية، فهذه القوى أيضا أصبحت عرضة للعمليات الانتحارية التي تم تنفيذها خلال العام 2016.

فما هو السبب الذي يكمن وراء الغضب الذي تكنه الرياض لجارتها اليمن؟ فقد عمل الإعلام السعودي على تبرير هذا الغضب بأنه ناجم عن تواطؤ الحوثيين مع طهران، وأن حركة أنصار الله – المنتمية للجماعة الشيعية (المذهب الزيدي) – تعمل على خدمة المصالح والمطامع السياسية الجغرافية لإيران. وبالرغم من أن أسباب الصراع اليمني متعمقة الجذور والمساعدات المقدمة للمتمردين الحوثيين من قبل إيران لا تفي بالغرض، إلا أن الرياض مازالت تلح على التنديد واستنكار النفوذ الخطر “للملالي”، لفظ يطلق على فقهاء الإسلام في ايران .

وياله من وضع مزري حيث تقوم الرياض بحجب جماعة الحوثي عن العالم عن طريق الحصار الذي تفرضه على البلد، ووضعه تحت قصف طيرانها الذي يتمتع بإمكانيات قوية، ناهيك عن تعاملها مع الحوثيين وكأنهم مرتزقة أجانب وليسوا أصحاب هذه البلد.

ان جريمة هذا البلد الوحيدة أنه يعتبر أرضاً تجمع قوي الشر على ساحته، ومما لا شك فيه أن جماعة الحوثي غير مدركة تماما للوضع الذي يحيط بها، فهي من مؤيدي حزب الله اللبناني، وتدعم السيادة السوريه ولازالت تؤمن بالقومية العربية. أما بالنسبة لأولئك الذين يطمحون في استبعاد المنطقة لصالح القوى الاستعمارية، فإن صنعاء شوكة في الخاصرة وبعيدة المنال.

ان من تورط  في صراع سياسي بهذا البلد سيدفع ثمنه ببالغ الأسى والحزن، ومن جانبها الرياض ستعمل على إخماد بؤرة هذا الصراع بطريقة استبدادية والتي ستؤيدها وتتمسك بها كافة ممالك الخليج المختلة، فا الأمر بكل بساطة أن المملكة العربية السعودية لا يسرها ولم يسرها أبداً رؤية اليمن كبلدٍ مستقل وموحد.

وبالعودة الى نقطة البداية، فإن هذا البلد الشهيد الذي لا أحد يكترث لأمره، لن يسمع أنينه أحد، فلا “ذوي الخوذات البيضاء” الذين يتم تمويلهم من قبل مؤسسات الانجلو ساكسون – شعوب الحضارة الانجليزية – ولا البرلمانيين الفرنسيين المنهمكين في ” رفع الوعي”، ولا جماعة اليساريين الغاضبة التي تدعو لـ “التضامن الثوري”، ولا أولئك المدافعين عن حقوق الإنسان الذين عملوا على توقيع العرائض ببسالة عارمة، كل هؤلاء لم يتخذوا أي موقف  ولم يقدموا أي إدانات إزاء الإبادات الجماعية والمجازر والهمجية التي تمارس بحق هذا الشعب والتي لطالما لاحت جلياً في آفاق العديد من أعمدة وعناوين الصحافة الرئيسية.

ولكن، من يدري، لعل الشعب اليمني- الذي تم استبعاده من شاشات الرادار وشطبه من لائحة القضايا الجديرة بالاهتمام في حين يتم التغاضي عن المجرمين الوهابيين بالتخاذل والتواطؤ الغربي البذيء- لعله لم يحسم أمره بعد ولم يقل كلمته الأخيرة.

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024