سقوط “جمهورية فنادق الرياض” بعد عام من الاخفاقات والفساد

سقوط “جمهورية فنادق الرياض” بعد عام من الاخفاقات والفساد

إبراهيم السراجي - *صدى المسيرة

 

 

بعد مرور عام على العدوان السعودي على اليمن يبدو وضع “جمهورية الفنادق” بالرياض اليوم أسوأ منه في أول أيام العدوان بذات السوء الذي يعيشه المرتزقة اليوم في تعز والجوف ولحج وقبل ذلك في ميدي.

 

وعكست القرارات التي اتخذها الفار هادي في إطار الجمهورية ذاتها حالة الانقسام الحاد الذي وصل إليه مرتزقة النظام السعودي بعد شهور من الخلافات وما بين ذلك حققت حكومة ورئاسة جمهورية الفنادق فساداً كبيراً بالرغم من عدم تواجد تلك الحكومة فعلياً على الأرض.

 

كان من المتعارف عليه أن لدى الفار هادي خصومة شديدة مع رئيس حكومته خالد بحاح وتشير المعلومات أن الأول كاد أن يتخذ قرار عزل الثاني في ثلاث مناسبات لكنه لقي معارضة جعلته يتراجع عن ذلك ولكن مع بقاء النية لحين تسنح الفرصة والتي اعتقد أنها قد سنحت له فعلاً في الثالث من ابريل الجاري.

 

وفي سابقة اختصت بها جمهورية الفنادق أصدر الفار هادي قراراً بعزل بحاح وتعيين بن دغر بدلاً عنه وكانت الديباجة التي قدمها في القرار هي السابقة فقد أظهرت حجم الخلافات او الانقسام الذي وصفه البعض بسقوط لجمهورية الفنادق.

 

وقال الفار هادي في ديباجة القرار أنه يأتي “نتيجة للإخفاق الذي رافق اداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية والامنية وتعثر الاداء الحكومي في تخفيف معاناة ابناء شعبنا وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته وخصوصاً دمج المقاومة وعلاج الجرحى” ولم ينس في ديباجته أن يستند لما وصفه “بالمبادرة الخليجية” غير ان كثيرين حتى من أوساط مرتزقة النظام السعودي سخروا من الديباجة التي حملت حكومة بحاح كل الإخفاقات غير أن التغيير جاء على رئيسها ولم يطال أحدا من أعضائها، كما سخر آخرون من الحديث عن إخفاقات حكومة لا وجود لها على الأرض اليمنية فعلياً وما تزال تراوح مكانها حيث يقيم وزراءها في فنادق الرياض منذ أكثر من عام.

 

وبدا لهادي أن الأمور قد استتبت له وتشير المعلومات أنه اقنع حزب الإصلاح بمساندة قراره ضد بحاح مقدماً لهم رشوة أسال لعابهم وتمثلت بتعيين الفار الاخر علي محسن الأحمر نائباً له، حيث وافق قادة حزب الإصلاح فوراً على القرار ووعدوا بتوجيه نشطائهم بالتغني بـ”القرار التاريخي”.

 

المبادرة الخليجية..سلاح خارج السيطرة

اتخذت الفار هادي ومرتزقة الرياض بما فيهم بحاح وحكومته من المبادرة الخليجية سلاح دفعهم للتمسك بالسلطة في بادئ الأمر ثم للعودة إليها مع شن العدوان السعودي على اليمن غير أن الشرخ الأخير الذي فتك بجمهورية الفنادق جعل من المبادرة الخليجية مناسبة لعزل بحاح واتهامه بـ”الحوثية” ومناسبة لوصف الفار هادي بـ”الانقلابي” وهما التهمتان التي اتخذت دول العدوان منها ذريعة للحرب على اليمن.

 

وحين بدا أن بحاح قد استسلم لقرار الفار هادي بعزله من منصبيه كنائب ورئيس للحكومة إلا أنه عاد بعد أكثر من 24 ساعة واصدر بياناً مطولاً استعرض فيه الكثير من الأمور التي تثبت أن حالة اللاانسجام هي السمة التي صاحبت تواجد نزلاء فنادق الرياض منذ أول يوم في العدوان حيث اتهم بحاح في بيانه الفار الهادي بـ”العمل خارج الدستور والقانون والاستهتار بهما يفقد السلطة الحق والمصداقية في الدفاع عن الشرعية ويسهم في تعميم الفوضى”.

 

وكان أهم ما حمله بيان بحاح المطول هو إعادة الكرة في “ملعب المبادرة الخليجية” التي اتخذ منها الفار هادي قاعدة لاطلاق قرار إقالته وهنا يرى بحاح أن الفار هادي انقلابي على المبادرة والفار هادي يرى بحاح معزولاً بموجب المبادرة ذاتها.

 

واعتبر بحاح ان قرار عزله مخالفاً للمبادرة الخليجية مذكراً زملائه من نزلاء فنادق الرياض بإعلانهم التمسك بها موجها متسائلا: “فكيف ستبرر قبولها بانقلاب الرئيس هادي عليها بهذه التعيينات، وبحكومة لم تأت وفق الأحكام الواردة والمقررة فيها؟”.

 

عقب ذلك البيان بدا ان حزب الإصلاح لن يقبل بالتراجع عن القرارات التي منحة عجوزهم الأحمر منصب نائب رئيس جمهورية الفنادق ولذلك أطلق الإصلاح أبواقه الإعلامية متهمة بحاح بالارتباط بـ”انصارالله” فيما الجماعة ترى أن بحاح مجرد أداة من أدوات العدوان مثل الفار هادي وقيادة حزب الإصلاح وباقي نزلاء الفنادق.

 

ويعتقد بعض المراقبين أن الفار هادي حين ظن أن الأمور استتبت له لم يكن يدري أنه وقع هو والإصلاح وقائدهم العجوز في فخ المبادرة الخليجية التي طالما تمسكوا بها معتبرين أن قرار عزل بحاح وتعيين الأحمر سيجعل من هادي والأحمر مشكلة داخل معسكر “المبادرة الخليجية” أو العدوان إضافة إلى كونهما مشكلة يجب إزالتها ليتسنى التوصل إلى حلول سياسية في المفاوضات المزمع عقدها منتصف الشهر الحالي مما يعزز فرص الإطاحة بهما ويعزز من حظوظ بحاح وهنا يرى المراقبون إذا ماتحقق ذلك فسينبطق عليه أن “السحر انقلب على الساحر”.

 

ألقت حالة الانقسام غير المسبوق في أروقة فنادق الرياض بين مرتزقة العدوان بظلالها على المنابر الإعلامية التي أخرجت روائح الفساد والاتهام المتبادل بين النزلاء أنفسهم بما يؤكد أن أقصى ما انجزه أولئك خلال عام من العدوان هو ممارسة الفساد المالي والإداري داخل أجهزة دولة لا تتعد حدودها بهو الفندق الذي تقيم فيه حيث يشبه البعض ما يحدث أنه الصراع الأخير في صفوف المرتزقة قبل ان يضطروا لتسليم مفاتيح الغرف التي يقيمون فيها.

 

وعلى الرغم من إقامتهم في فندق واحد بالرياض إلا أن كل فريق منهم انشغل بتسريب معلومات لمقربين منهم تفضح حجم الفساد الذي مارسوه حيث اعتبر مراقبون أن مرتزقة الرياض يقومون “بنشر غسيلهم” ما يجعل الجو معبأ بروائح الفساد الكريهة.

 

وتبدأ أولى الحكايات عند المذبحة التي تعرض لها المرتزقة في صحراء ميدي والتي عدت واحدة من أكبر الملاحم البطولية التي سطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية وهنا ينشر المرتزقة من أحد الفريقين روايات عن فساد الفريق المنافس.

 

وتشير التسريبات المتعمدة إلى اتهام موجه للمرتزق محمد المقدشي رئيس اركان الفار هادي بوقوفه خلف الهزيمة التي تعرض لها المرتزقة في ميدي وأساس تلك التهمة هو تزويد المرتزقة بآليات عسكرية اشتراها المقدشي وعجزت عن الحركة في صحراء ميدي.

 

وتقول الرواية التي سربها أحد المقربين من الفار علي محسن الأحمر والذي يقول أن مرتزقة العدوان حاولوا التوغل في صحراء ميدي “داخل مدرعات اشتراها المقدشي من الأردن، والأخيرة كانت جلبتها من أفريقيا” مشيراً إلى أن تلك المدرعات وعددها 28 مدرعة عجزت عن الحركة حيث توقفت 27 مدرعة ما أدى لمقتل عشرات المرتزقة على يد الجيش واللجان الشعبية أو برصاص “قناصة الحوثي” كما يصف صاحب الرواية الذي يعتبر ما حدث “واحدة من الجرائم المرة التي حملها رجال هادي فمن إجمالي 28 مدرعة اشتراها الجنرال المقدشي، في صفقة توخى من خلالها ربحاً جزيلاً، توقفت 27 عن العمل”.

 

وبغض النظر عن فساد الفار هادي وجنراله المقدشي إلا أن صاحب الرواية حاول أن يبعد مسؤولية الهزيمة عن الفار علي محسن الأحمر الذي يفترض ان تعيينه “نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة التابعة لجمهورية فنادق الرياض” يجعله قائداً للعمليات العسكرية في ميدي وهو الذي دفع بذلك المقرب للكشف عن بعض أوراق الفساد.

 

صاحب الرواية الأولى لا يبدو مقرباً من العجوز الأحمر فقط حيث ماتزال هناك أطرافاً أخرى تفضله لمهمة التسريبات وهنا يعود الراوي لكشف عن قضية فساد كبرى يقف الفار هادي خلفها.

 

بحسب الراوي أو الأطراف التي كلفته بالمهمة فقد أجرى نظام العدوان السعودي تحقيقاً اكتشف من خلاله ان تأشيرات الدخول الى السعودية التي منحت لهادي وبقية المرتزقة بلغت 650 ألف تأشيرة وأن ” أن شبكة هادي قد باعت حوالي ٤٠٠ ألف رقماً من تلك الأرقام، وأن العمولة تراوحت بين ٣ آلاف دولار و١١ ألف دولار مقابل الطلب الواحد”.

 

وفيما تتعدد مظاهر نشر غسيل فساد فريق الفار هادي فإنه فريقه أيضا تكفل بتسريبات عن قضايا فساد يقف خلفها فريق بحاح.

 

وتكفل بهذه المهمة بعض المقربين من فريق الفار هادي بينه الناطق باسم مرتزقة العدوان بتعز المدعو محمد مقبل الحميري والذي خاط بحاح واتهمه بذات الوقت بحرمان المرتزقة في تعز ومصادرة 120 مليون دولار دفعتها شركة بترو مسيلة لحكومته بحسب رواية الحميري الذي كتب ذلك في صفحته بالفيسبوك وتتخذ منها منابر حزب الإصلاح فرصة لمضاعفة خياراتها في الهجوم على بحاح لإجباره على التراجع عن رفض قرارات الفار هادي.

 

سقوط معسكر العدوان يقابله انتصار عسكري وسياسي لليمن

 

تتعدد فصول مآسي مرتزقة العدوان سواء في أورقة الفندق الذي يقيمون فيه جمهوريتهم الناقصة أو في جبهات القتال لكن وبالمقابل ومع مرور عام على العدوان ودخوله العام الثاني يتحدث الإعلام الغربي عن رضوخ سعودي لشروط اليمنيين.

 

ففي تقييم لصحيفة لوموند الفرنسية لعام من العدوان تعنون تقريراً لها بـ”الجيش السعودي محاصر في المستنقع اليمني”، وتؤكد أن الحرب التي جعلها وزير الدفاع “المتهور” محمد بن سلمان، رمزاً لسياسته الخارجية العدائية، أضاءت على النقص في فعالية القوات الجوية للمملكة، مشيرةً إلى عجزها عن هزيمة الخصوم.

 

أخيراً يلخص محللون لاحدى الوكالات الدولية هزيمة العدوان بشقيه (السعودي والمرتزقة) في مواجهة الجيش واللجان الشعبية بعد عام من المعارك وكذلك في ذات الوقت الذي تفوح فيه روائح فساد جمهورية فنادق الرياض يرى أولئك المحللون أنه وكما كان الجيش واللجان الشعبية بارعين في مواجهة فقد أظهر أنصارالله قدرة على الإمساك بزمام الأمور في إطار أجهزة الدولة.

 

حيث وفي إطار انعكاف مراكز الدراسات والأبحاث على تقييم العدوان عسكريا بعد اكماله عامه الأول حيث تنقل وكالة “فرانس برس” الدولية عن بعض الخبراء والمحللين قولهم “أن قوات الجيش واللجان الشعبية أو كما وصفوهم بـ”المتمردين” ومنذ بدء الضربات الجوية، التي شنها التحالف السعودي في 26 مارس الماضي، تمكنوا من المواجهة رغم محدودية قدراتهم العسكرية بالمقابل يرون أن “حكومة الفار هادي” كشفت عن ضعفها وعجزها عن فرض نفوذها في المناطق التي سيطر عليها تحالف العُـدْوَان في الجنوب في ظل تنامي نفوذ القاعدة وداعش”.

 

 

إجمالاً يرى مراقبون للشأن اليمني أنه وكما تمكن اليمنيون من مواجهة العدوان واسقاط ذرائعه وكسر هيبة ترسانته العسكرية فإن ذلك ساهم أيضا في إسقاط “جمهورية فنادق الرياض” بعد أن أدى اخفاقها إلى خلق حالة من الانقسام الحاد داخلها انعكست من خلال المتغيرات الأخيرة.

 

 

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024