الأمم المتحدة وإنسانيتها الاستثمارية.. الولايات المتحدة تستعمر والأمم المتحدة تستثمر
تطالعنا يوميًّا منظماتُ الأمم المتحدة بتقارير توصيفية للوضع الإنساني في اليمن بعد حوالي 6 أعوام منذ أن انطلق العدوانُ والحصار السعودي الأمريكي وتحالفهما على اليمن، فنرى في هذه البيانات أَو التصريحات التي غالبًا تكثر نهاية كُـلّ عام أرقاماً مؤلمة للوضع الإنساني المأساوي في اليمن جراء ممارسات العدوان، حَيثُ وُصفت بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولعلَّ الوضعَ الصحيَّ يأتي على هرم هذه الأرقام؛ كون بقية الأوضاع الإنسانية الأُخرى تؤدي إلى تدهور صحة الإنسان فتصبح حالة صحية، غير أننا للأسف الشديد لم نجد أيَّ توصيف حقيقي لمن تسبب بهذه الكارثة الإنسانية، ولم نجد أَيْـضاً توصيفاً جذريًّا وحقيقيًّا وواضحًا لحل هذه المأساة رغم كثرتها وتعدّدها والتي تصل إلى أكثر من خمسين بيانا وتقريرا وتصريحا على الأقل كُـلّ عام، أي أننا نتحدث بعد 6 أعوام عن مئات منها مما يعكس تماهي هذه المنظمة ومنظماتها مع أهداف وتوجّـهات تحالف العدوان على حساب أرواح مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء.
طالعتنا إحدى تقارير هذه المنظمات توضح أن ما أسمته صراعاً في اليمن أودى بحياة أكثر من 300 ألف إنسان يمني، ولأن الحقيقةَ قد تكون أكبر من هذا الرقم، إلَّا أننا نؤكّـد أن طيران تحالف العدوان العسكرية لم تفتك إلَّا بما يقارب 7 % من هذا الرقم، و93 % قتلتهم منظماتُ تحالف العدوان الإنسانية وبياناتها؛ كون الحصار الإجرامي سعت وتسعى الأمم المتحدة لتبريره وإظهاره بمظهر إنساني عوضا عن شطب اسم تحالف العدوان وممارساته من كُـلّ هذه البيانات وشطب الحلول الحقيقية لمثل هذه المأساة؛ لأَنَّ كُـلَّ ذلك سيزعج هذه الدول وسينال المنظمةَ سخطٌ من هذه الدول.
إن استمرارَ هذه المنظمات في توصيف المأساة توصيفا رقميا يعكس مدى تلذذ هذه المنظمة لهذه الوضعية، لكي تستمر في التسول بأرواح الأطفال وأصوات جوع بطونهم، لتجلب أموالاً أكثرَ لا لتحل المشكلة في اليمن، ولكن لتحل مشاكل موظفيها والقائمين عليها والمتمثل في زيادة أرصدتها ومساحة بطونها وعرض بنطلوناتها وهكتارات فللها واستثماراتها، فلو كانت تبحث بالفعل عن حَـلّ مأساة اليمن لكفى تقرير أَو بيان واحد لذلك، وذلك من خلال التوصيف الشفاف لأسباب هذه المأساة والمتمثل في حصار تحالف العدوان وإغلاق مطاراته وتدمير بنيته التحتية ونقل معاملات البنك من صنعاء إلى عدن، ثم بعد ذلك تضع الحلولَ المناسبة والجذرية لهذه المأساة والمتمثل في نقطتين لا ثالث لهما، (إيقاف العدوان، القتل والتدمير المباشر ورفع الحصار، القتل والتدمير غير المباشر)، وهذا الأمرُ هو عمق الإنسانية التي تدعيها هذه المنظمات وتزايد بها في كُـلّ محفل دولي، أما مساعداتها التي تقدم والتي لا تصل إلى 15 % من حاجة اليمنيين على جميع المستويات ولا يصل سوى 18 % مما يقدم من منح مالية لهذه المنظمات تحت مسمى (المأساة في اليمن).
لو قامت الأممُ المتحدة بدورها من خلال السعي لرفع الحصار وإيقاف العدوان في بداية العدوان 2015م كانت ستحافظ على الأرواح التي أُزهقت في الأعوام التالية (2016 حتى 2020)، وهنا نستطيع أن نصفَها بالإنسانية، ولو قامت بهذا في 2016 كانت ستوقف إزهاق أرواح أزهقها التحالف المعتدي في الأعوام اللاحقة (2017 حتى 2020)، ولو نهضت إنسانيتُها في 2017 أَو حتى في 2018م أَو في 2019م كانت ستحافظ على أرواح أُزهقت في الأعوام اللاحقة، وسيحسب هذا ضمن رصيدها الإنساني الجاف جِـدًّا جدًّا، ولأنها أَيْـضاً لم تقم بدورها في 2020 رغم مرور خمسة أعوام ومستمرة حتى في نهاية العام السادس بنفس السياسة المضللة العدائية لأبناء وأطفال اليمن سيستمر سقوط الضحايا في 2021 بغزارة أكثر حتى لو كان الدعم المقدم إليها من المانحين أغزر مما كان عليه في 2020 والسنين التي سبقتها.
عندما تنتفي الإنسانيةُ من نفوس بعض الناس المحسوبين على البشرية، فَـإنَّها وضمن مخطّطاتها وأهدافها الخَاصَّة لا تهتم لسقوط عشرات ومئات وآلاف الناس موتى وقتلى جراء أسباب معينة لتستغل هذه الأوضاع للترويج لمشاريعها الخَاصَّة وتقديم نفسها كإنسان يحب أمثاله من الناس، وهذه منهجية شركات الأدوية العالمية ومنظمة الأمم المتحدة، حَيثُ تسعى الأخيرةُ ليصبح الوضع في الدول المتحاربة أكثرَ مأساويةً، لكي تستطيعَ أن تتسول أكثر، وكما يقال (بفم مليان)؛ لذا تصدر تقاريرها وبياناتها بما يتوافق مع مصالحها وأهدافها وليس بما يتوافق مع مصالح الأطفال والنساء والآمنين والشعوب والدول؛ لذا نجد دائماً تقاريرها تحتوي على أرقام فقط (أرقام الملايين من الضحايا والمهدّدون بالموت)، و(أرقام المليارات من الدولارات التي تهدف لجمعه باسم هؤلاء الضحايا)، ولأجل هذا استحقت مؤخّراً إحدى منظماتها جائزة نوبل للسلام، بعد أن انعكست كُـلُّ المفاهيم في هذه المعمورة.
* كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
المصدر //موقع انصار الله الرسمي
- يرجى تسجيل الدخول لإضافة تعليقات
- قرأت 3225 مرة