مجلة فرنسية: حرب منسية في اليمن تتورط فيها واشنطن وتقتل مئات الآلاف من الأطفال جوعا

مجلة فرنسية: حرب منسية في اليمن تتورط فيها واشنطن وتقتل مئات الآلاف من الأطفال جوعا

ترجمة: وائل حزام - *المراسل نت

 

هيلين موسكا |” مجلة ” تيرافيمينا ” الفرنسية:

 

منذ مارس 2015، لا تزال الحرب مستمرة في اليمن وتسببت في أزمة إنسانية كبيرة في البلاد، ما جعلت الفرد منهم عاجز من الوقوف على ركبتيه نتيجة المجاعة القاتلة.

إن أخبار الحروب دائما ما تكون تنافسية في نشرها على عناوين الصحف، إلا إننا نغض الطرف عن صراع يجري في اليمن مركزين على المأساة السورية في الوقت الذي اصبح فيه المشهد في اليمن دمويا، ويشهد، أيضا، وقوع كارثة انسانية كبرى على حدا سواء، في الوقت الذي أصبح الصمت مطبقا لدى الجميع حول ما يجري في اليمن .

إن الحرب الأهلية التي تجري في اليمن منذ 20 شهرا، فجرت نقاط الضعف لهذا البلد، حيث اصبح هذا البلد الذي يعد احد أفقر البلدان في الشرق الأوسط ، ويعتمد سكانه على 90 بالمائة من الاستيراد الخارجي للمواد الغذائية والنفط، أصبح يشهد قصة فوضوية بالفعل .

لقد اتخذت المجاعة في هذا البلد الناجمة عن الأزمة منعطفا دراميا،  في حين اصبح هناك أكثر من نصف السكان الـ 28 مليون نسمة، يعانون الآن من سوء التغذية الحاد،  في الوقت الذي دمرت ما نسبته 50 بالمائة من المنشأت الطبية .

حرب أهلية مدمرة :

منذ مارس 2015، تشهد البلاد حرب أهلية قاسية، ففي الجنوب من اليمن، تتواجد القوات الحكومية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي وتلقى الدعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ومن قبل فرنسا والولايات المتحدة الاميريكية، بينما في شمال اليمن، وفي العاصمة اليمنية صنعاء، يتواجد الحوثيون والمتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وبحسب ما صرح به لمجلة “باريس ماتش” الفرنسية، يقول الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط،  مايكل نايتس، ان المملكة العربية السعودية تسعى إلى الارتقاء والتوسع مقابل التوسع الشيعي و منافستها التاريخية “ايران” .

ان الفوضى ستصل إلى ذروتها مع هذا الاستعراض للقوة في الوقت الذي تستفيد القاعدة في شبه الجزيرة العربية من هذه الفوضى للقيام بعملياتها، وقد قامت في وقت سابق “بهجوم ضد صحيفة شارلي ابدو الفرنسية الاسبوعية والتي قام بها الاخوان “كواش”، وبينما تستفيد القاعدة من الحرب التي تجري في المناطق المحررة في اليمن، يواصل التحالف السعودي شن غاراته الجوية وقصف البلاد في تحد للإضرار الجانبية التي توقعها، فضلا عن وضع المدنيين المحاصرين في مقابر حقيقية مفتوحة.

ان ما يجري في اليمن من حرب قد تجاوز العنف والخوف، حيث أصبحت الولايات المتحدة الاميركية متهمة بالتواطؤ في جرائم الحرب هذه. ووفقا للأرقام الصادرة عن هيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي )، فان الحرب قتلت 10 الف شخص، الثلث منهم من المدنيين، وتركت 21 مليون شخص يعتمدون على المعونات الغذائية .

وفي محاولة لوقف المذبحة التي تجري في اليمن، وضعت الأمم المتحدة اليمن تحت حماية مجلس الامن، ودعت جميع الدول الاعضاء الى منع إعادة تسليح الحوثيين، لكن الحصار البحري يجعل إرسال المواد الغذائية لليمنيين في غاية الصعوبة والتعقيد في حين يعيق القصف الجوي من قبل التحالف العربي السكان المعزولين من الذهاب إلى المدينة للتزود بالمؤون اللازمة لهم. ونتيجة لذلك، فان 70 بالمائة من السكان اليمنيين يقاتلون حاليا ضد مجاعة خطيرة جدا.

مجاعة قضت على الأطفال وتعرض العائلات للضيق:

ان الأطفال، بشكل خاص، هم من يتجرعون مرارة هذه المجاعة المروعة في اليمن، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي س” ، فقد ازداد سوء التغذية لدى الأطفال اليمنيون بنسبة تزيد على 200 بالمائة في غضون عامين. ووفقا لبيان نشرته منظمة الامم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في 10 نوفمبر 2016، فان 1,5 مليون طفل يمني يعانون حاليا من سوء التغذية، بما في ذلك 370 الف ما يسمى بسوء التغذية الحاد، وهذا ضعف نظام المناعة لديهم لدرجة زاد بمقدار ثلاثة أضعاف من خطر الموت .

إن اليمن هي واحدة من البلدان التي تشهد أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، وغني عن القول انها تعاني من ويلات المجاعة، بل انها تعاني اسوء من ذلك بكثير. وعن هذه النقطة، قالت مسؤولة تقديم المساعدات لليمن بمنظمة “العمل ضد الجوع” “هناك جيل كامل في خطر شديد، ونحن نشهد تدهور الوضع هنا بينما يستمر الصراع” .  وأضافت “لقد تم القضاء على سبل العيش في جميع أنحاء البلد بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، ومحدودية العرض وعدم انتظامه الان والنزوح الجماعي للسكان “.

وكما ذكرت صحيفة “الغارديان”، فان محافظة الحديدة تعد المنطقة الاكثر تضررا من الاحداث، حيث ان واحدا من كل ثلاثة اطفال يعانون من اشد أشكال سوء التغذية. ومنهم الشابة سعيدة احمد بغيلي، ذو الثمانية عشر عاما، والتي اصبحت وجها لما يعانيه المدنيين في اليمن، ففي 27 اكتوبر 2016،  وضعت صحيفة “نيويورك تايمز” صورة لجسد الشابة سعيدة وهي ذو جسد هزيل لتنبه الرأي العام الى الجحيم اليمني، اذ بلغ وزنها حوالي 11 كيلو جرام ولا تزال في المستشفى حتى اليوم . ويشارك نفس المصير مئات الالاف من الأطفال اليمنيين.

ووفقا لما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” فان الآباء أصبحوا يضطرون إلى الاختيار بين أي من الاطفال يقومون بإنقاذ حياته، لانهم لا يستطيعون بسبب فقرهم وعدم امتلاكهم للمال الذهاب لمعالجة أبنائهم في المستشفيات مع ضرورة الاستمرار في إطعام أطفالهم الاخرين.

إذا، لقد أصبحت هناك قصص رعب في الحياة لا يمكن تصورها بين اوساط الشعب اليمني، والذي أصبح في شرك الصراع السياسي الذي أثر عليه كثيرا. فعام واحد من الصراع كافي لتدمير التوازن الغير ثابت بين اليمن الحالي والعودة الى عقود قد خلت. فهذه “الحرب المنسية”، كما يطلق عليها البعض أصبحت منسية بسبب الصمت الذي يحيط بها، ستكون لها عواقب وخيمة في هذا البلد.

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024