مجلة “تيليبوليس” الألمانية: السعودية وانتصار الوحشية في اليمن ومسؤولية الغرب

مجلة “تيليبوليس” الألمانية: السعودية وانتصار الوحشية في اليمن ومسؤولية الغرب

ترجمة: نشوى الرازحي - *المراسل نت

 

 

توماس باني| مجلة “تيليبوليس” الألمانية

 

 

حرب المملكة العربية السعودية في اليمن: تجويع للسكان ومعاناة أطفال من سوء التغذية الحاد. وتعزيز للجهاديين في المنطقة. ولكن ماذا عن مسؤولية الغرب في كل ذلك؟

ماهي الاجراءات التي تستعد الدول الغربية لاتخاذها إزاء المملكة العربية السعودية؟ هل ستفرض عليها العقوبات؟ أم ستمارس عليها الضغوط الجادة بما تمليه الإرادة السياسية؟ فالأدلة على سياسة القتل التي انتهجتها في البلد كافية لفرض الضغوط عليها. كما أن احتمالات العواقب الوخيمة للحرب التي تشنها السعودية على اليمن، لا يقتصر تأثيرها على المنطقة فحسب.

أفادت منظمة اليونيسف أن ما يقرب من 2.2 مليون طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية وهم بحاجة الى مساعدة عاجلة. كما يعاني ما لا يقل عن 462ألف طفل من سوء التغذية الحاد”. مشاكل الفقر والجوع والعناية الطبية موجودة في اليمن من قبل التدخل العسكري السعودي وقوات التحالف ولكن منذ ذلك التدخل ازداد الوضع سوءا وبشكل كبير.

الحصار المفروض على الموانئ:

تستورد اليمن 90 بالمائة من المواد الغذائية والطبية. والحصار الذي تفرضه السعودية وقوات التحالف على الموانئ. ووفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، من الممكن ان يرقى ذلك الحصار إلى جريمة حرب متمثلة بتجويع المدنيين.

منظمات أخرى مثل منظمة أطباء بلا حدود، وجهت اتهامات خطيرة للمملكة العربية السعودية، المسئولة عن فرض حصار على استيراد المواد الطبية الضرورية. ورفض التحالف بقيادة السعودية، في الصيف، تلك الاتهامات حيث صرح: نحن لم نفرض حصارا ولا مقاطعة اقتصادية، بل نفذنا قرار الأمم المتحدة المتعلق بتجارة الأسلحة. وزعم التحالف أن القوات المسلحة تسمح بمرور كل سفن الإغاثة.

وباتت مشكلة وجهات النظر المختلفة، والتي كانت شديدة الوضوح في الصراع السوري، تقضي بالابتعاد عن توجيه التهم غير الأكيدة وكذلك تصريحات التبرير. ولكن هناك فرق واحد ملفت للانتباه بين حرب سورية وحرب اليمن: الانتقاد الموجه للحكومة السورية أكثر غضبا وأعلى صوتا وأكثر إلحاحا وأشد من الانتقاد الموجه للمملكة العربية السعودية بشأن ما تفعله في اليمن، المبعدة كثيرا عن حدود سياسة الاتحاد الأوربي مقارنة بسورية.

ليس فقط منظمات حقوق الإنسان، بل انتقد أيضا مجلس الأمن للأمم المتحدة في يناير من هذا العام “الحصار المنهجي الواسع للسلع الاقتصادية، الذي ساعد على عرقلة تسليم المساعدات الإنسانية.” حتى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا الداعمتان للسعودية، تنتهجان سياسة الحصار إلى أبعد الحدود.

غارات جوية على مصانع الأغذية:

وهناك اتهامات أخرى كثيرة وقاسية بأن المملكة العربية السعودية هي المسؤولة عن سوء التغذية ولا أحد سواها. فهي، كما كتبت مجلة “سالون” الأميركية نهاية أكتوبر، قد عمدت إلى تدمير أماكن إنتاج المواد الغذائية وغيرها من الأماكن الزراعية بصورة منهجية.

صدر الاتهام من الأبحاث التي أجرتها البروفيسورة مارثا موندي من مدرسة لندن للاقتصاد، استنادا إلى بيانات الوزارات والسلطات اليمنية. ووفقا لها بالإمكان المعرفة من “التقدير المتحفظ” لوزارة الزراعة اليمنية أنه تم شن غارات جوية على ما لا يقل عن 357 هدفا زراعيا. واتهمت، موندي المملكة العربية السعودية بأنها جعلت من الأسواق أيضا والمتاجر والمصانع والشاحنات المحملة بالمواد الغذائية، أهدافا للغارات الجوية.

وهناك ايضا هجمات على البنية التحتية للبلد. لم تسلم سوى أجزاء قليلة في البلد من تدمير الجسور والطرق والمدارس والمستشفيات. هذا ما كتب في مقال نشر في المجلة أمريكية “ناشيونال انترست”.

عواقب ليست بالحسبان:

كاتب المقال موظف سابق في مؤسسة جيمس تاون ومؤسسة “جينس” انتيليجنس ريفيو للمراجعة الاستخباراتية، حذر من العواقب الوخيمة للحرب السعودية في اليمن. والعواقب التي ستعود على وجه الخصوص على الشباب في اليمن (60 بالمائة من السكان أعمارهم تقل عن 24 عاما) لم يحسب حسابها.

لم تتمكن المملكة العربية السعودية، من الفوز في الحرب التي بدأتها في مارس 2015.

هناك مستفيدان اثنان من الحرب، صانعو الأسلحة والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، التي توسعت هناك – وكذلك تنظيم الدولة الإسلامية، لفت الانتباه إلى تواجده من خلال الهجمات التي ينفذها في الوقت الحالي. أن تقوى شوكتهم فذلك خطر جديد على المنطقة برمتها وهذا ليس بسبب المملكة العربية السعودية فقط. حيث يشكل الانتشار الهائل للأسلحة مشكلة كبيرة جدا.

إجراء بسيط من أوباما:

الآن، أمر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته أوباما بحصار جزئي لمبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وذلك اجراء رمزي، علقت عليه صحيفة نيويورك تايمز مستندة إلى أقوال الخبراء بأن الأمر يدور حول مجموعة من القنابل الذكية التي تصنعها شركة رايثيون، والتي لا يتم تصديرها في الأساس.

وجاء ذلك مواكبا لانتقادات إدارة أوباما للحرب السعودية في اليمن التي سقط فيها عدد كبير من الضحايا المدنيين وأن التحديد الخاطئ للأهداف كان وراء كثير من الأخطاء وأنها منزعجة جدا بسببها. ولكن كما تحدث الخبراء بالتفصيل، ما يزال تزويد مقاتلات التحالف بقيادة السعودية بالوقود قائما كجزء من الدعم في الحرب الجوية السعودية. أي أن ذلك الإجراء ليس له معنى.

لم يتضح بعد كيف ستكون سياسة الرئيس الأميركي الجديد المنتخب ترامب إزاء المملكة العربية السعودية. كما أنه ليس هناك أي تكهنات بشأن وجود توجهات معادية لإيران حول تغيير مسار الشراكة كما بينتها علاقات الشراكة بين البلدين لسنوات طويلة.

دخول المستخدم
القائمة البريدية
استطلاع رأي
ما رأيك في موقع المجلس الزيدي
مجموع الأصوات : 0
صفحتنا على الفيسبوك
جميع الحقوق محفوظة 2024